السبت، 8 يونيو 2013

الحسد

سـلوكيـات يجب الحذر منها

يحيى بن موسى الزهراني

إمام الجامع الكبير بتبوك





  الحسد :
الحسد داء عضال وهو مرض خطير من أمراض القلوب . والحسد حمل ابن آدم على قتل أخيه ، فالحسد يبعد صاحبه عن التقوى ويركبه الأهواء فيضل ويغوى ، يضيق صدر الحسود ويتألم ويتفطر إذا رأى نعمة أنعمها الله على أخيه المسلم ، فيعاني من شدة البؤس والغيظ ، فلا يشكو ما أصابه من حزن وقلق إلا إلى الشيطان أو إلى نفسه الأمارة بالسوء أو إلى من هو مثله في الحسد ، فالحسود لا يفعل الخير ولا يحبه لإخوانه المسلمين ، وغاية ما يتمناه هو زوال نعمة الله على عباده ، إنه بهذا العمل قد سلك طريق الشيطان عليه لعنة الله ، فما منع الشيطان من السجود لأبينا آدم إلا الكبر والحسد ـ نعوذ بالله من ذلك ـ وما حمل قابيل على قتل هابيل إلا الحسد ، والحسد من الأمور المحرمة والمنهي عنها في هذا الدين العظيم ، إلا ما كان من قول النبي : [ لا حسد إلا في اثنتين رجل أتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ( أي أنفقه في القربات والطاعات ) ورجل أتاه الله حكمه فهو يقضي بها ويعلمها ] ( متفق عليه ) ، والحسد هنا بمعنى الغبطة أي أنه لا يغبط أحد إلا على إحدى هاتين الخصلتين .
والحسد هو تمني زوال النعمة عن صاحبها سواءً كانت نعمة دين أو دنيا ، والحسد من صفات أهل الشر والزيغ والفساد والإلحاد ، والحسد بضاعة من بضائع الشيطان ، وبئست البضاعة بضاعة الشيطان ، ويا حسرة المشترين ويا ندامتهم ، قال تعالى : { ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله } ( فاطر43 ) ، وقال تعالى : { أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله } ( النساء54 ) ، وقال تعالى : { ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق } ( البقرة109 ) .

أنواع الحسد :
وللحسد أنواع ومراتب ثلاثة ، يتفاوت الناس ويتدرجون فيها ما بين الحلال والحرام وهذه المراتب هي :
1- تمني زوال النعمة عن الغير : وهذه المرتبة من أخطر المراتب وأشدها حراماً لتحريم الدين لها ولما في ذلك من تصادم مع قول الله عزوجل ، وقول نبيه عليه الصلاة والسلام .
2- تمني استصحاب عدم النعمة : لكراهية الحاسد أن يحدث الله لعبد من عباده نعمة يمتن بها سبحانه على عبده ، فالحاسد يتمنى دوام ما في محسوده من نقص أو عيب كالفقر والجهل وهذا حرام .
3- حسد الغبطة : وهو تمني أن تكون له مثل حال المحسود من غير أن لا تزول النعمة عن المحسود ، وهذا ليس بحرام ، بل ولا يعاب صاحبه لأنه يسعى أن يكون له مثل ما أعطى الله أخيه .

أسباب الحسد :
وللحسد أسباب نابعة من قلب الحاسد بحيث تجعله يمتلئ غيظاً وكمداً على من يحسده وقد يوصله ذلك إلى قتل محسوده عياذاً بالله من ذلك ، ومن أبرز هذه الأسباب :
1- عدم الرضى والقناعة بقسمة الله تعالى بين العباد في أمور الدنيا ، فتجد هذا الحاسد ساخطاً دائماً ، ولسان حاله يقول : لماذا فلان عنده مال وأنا ما عندي ؟ لماذا فلان في مركز مرموق وأنا لا ؟ وهكذا .

2- الحقد والعداوة والبغضاء : فالمبغض لا يحب أن يرى ممن يبغضه نعمة عليه من الله عز وجل بل على النقيض من ذلك .
مقتبسسـلوكيـات يجب الحذر منها

يحيى بن موسى الزهراني
إمام الجامع الكبير بتبوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق